المجتمع والثقافة

المجتمع والثقافة

مكة المكرمة، جوهرة المدن الإسلامية التي تجمع بين تاريخها العريق كمركز تجاري وديني وبين حاضرها الذي يزخر بتنوع سكاني وثقافي مذهل. بأكثر من مليونين من السكان، يمثل هذا التنوع انعكاسًا لتاريخ المدينة العريق في استقبال الناس من مختلف أنحاء العالم، سواء لأداء مناسك الحج والعمرة أو للتجارة. اللغات واللهجات المتنوعة تتردد في شوارع مكة، حيث يلتقي الزوار والمقيمون لتبادل الثقافات والعادات. هذا المزيج الثقافي الفريد لا يعزز التفاهم المتبادل فحسب، بل يخلق أيضًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا يتسم بالتسامح والتعايش.

تحتضن مكة مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات المجتمعية

التي تعكس هذا التنوع الثقافي. من الفعاليات الدينية التي تجمع ملايين المسلمين في مواسم الحج والعمرة، إلى الأنشطة الثقافية والمحلية التي تُنظم على مدار العام، يجد المجتمع في مكة فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية وتقوية الهوية المشتركة. الأسواق الشعبية، المعارض الثقافية، والمهرجانات المحلية، كلها تسهم في إثراء تجربة السكان والزوار على حد سواء، مما يجعل مكة مركزًا نابضًا بالحياة والتنوع.

اللغة العربية: جوهر الروح والتاريخ في مكة المكرمة

في مكة المكرمة، تلتقي اللغة العربية بروح المكان وتاريخ الإنسانية. فهي ليست مجرد وسيلة للتواصل بين الناس، بل هي لغة الحياة في مدينة يتوافد إليها المسلمون من شتى بقاع الأرض. هنا، يتحدث العالم لغة واحدة، لغة القرآن الكريم، الذي يتلى في أرجاء الحرم المكي الشريف ويمنح للغة العربية قدسية خالدة.

منذ ما يقارب 1600 عام، واللغة العربية تعيش في قلب مكة، حيث كانت وما زالت لغة الدين والعبادة، ولغة التاريخ والثقافة. إنها اللغة التي حافظت على قيمها وسحرها عبر العصور، بفضل القرآن الكريم الذي حفظ جمالها وبلاغتها. في مكة المكرمة، تصبح كل كلمة، سواء كانت في الأذان أو في تلاوة الآيات، تعبيرًا عن الإيمان والطهارة الروحية.

تمتاز اللغة العربية بثرائها اللغوي، إذ تحتوي على أكثر من 12 مليون كلمة، تجعلها من أغنى اللغات في العالم. هذا الثراء يتجلى في كل ركن من مكة المكرمة، حيث تترجم مفرداتها أدق التفاصيل الروحية والتاريخية، وتخلق ارتباطًا فريدًا بين الزوار والمكان. إن تنوع بنيتها النحوية وصوتياتها العذبة يجعل منها لغة تستوعب المعاني العميقة وتلهم النفوس.

في مكة المكرمة، يتجلى سحر اللغة العربية ليس فقط في الشعائر الدينية، بل في حياتها اليومية. فهي لغة الحديث بين الناس، لغة الأسواق والضيافة، وهي الجسر الذي يربط بين الثقافات المختلفة التي تجتمع هنا. وبينما يتجول الزائر في أرجاء مكة، يجد أن كل مفردة عربية تحمل في طياتها عبق التاريخ وروح المكان، مما يعزز من تجربة الإيمان والتواصل الثقافي في هذه البقعة المباركة.


الزي المكي

تميّز الزي المكي قديمًا بأناقته وتنوعه سواء للرجل أو للمرأة، بألوانه الجاذبة وتفاصيله الدقيقة، وتختلف أنواعه باختلاف المناسبات والمهن.

فالبنسبة للرجال هناك عدة أنواع  من الملبوسات:


النوع الأول: اللباس البسيط وهو عبارة عن ثوب أبيض أو أزرق ويحزم خصره بحزام  من الصوف يسمى "خرساني"، أو كشميري ويسمى "بقشة"، مطرزة أطرافها ووسطها بخيوط من الصوف ملونة، وغطاء الرأس عادة ما يكون عمامة أو طاقية، وتعد العمامة زيًا رسميًا ورمزًا ثقافيًا، والطاقية والتي كانت تسمى باللهجة العامية "الكوفية البلدي"، لباس مشترك بين معظم الأفراد، وتصنع من قماش سميك، تغسل وتوضع في محلول النشا الطبيعي ثم تكوى، وبذلك تظل منتصبة وتلبس وحدها أو تلف عليها العمامة.

ويرتدي بعضهم "الصديري" ويلفظ بالعامية المكية سديري، وهو قميص بدون أكمام، يلبسه الرجال والنساء ولكل منهم طريقة في خياطته وتطريزه، إضافة إلى الكمر وهو حزام غليط يصنع محليًا عند الخرازين وربما يبلغ عرضه الخمسة عشر سم أو أقل. 


النوع الثاني: الثياب البيضاء والتي تكون إما من البَفت او الكتّان, ومن المألوف في فصل الصيف أن يرتدي الرجل المكي "الدابزون"، وهو من القماش الشفاف، وتحت الثوب سروال طويل، نسجت أطرافه بخيوط من الحرير، وتحت الثوب أيضاً قميص من الشاش الأبيض. وفي المناسبات يرتدون فوق الثوب "شابة" وهي نوع من أنواع الأقمشة الثقيلة.


النوع الثالث: الجبة يرتديها العلماء والمشائخ فوق الثياب، وهي واسعة الأكمام يعتمد اختيار سماكتها بحسب فصول السنة، ويرتدون معها العمامة بطريقة تجعل طرفها يتدلى من الخلف.


زي المرأة المكية

أما المرأة المكية، فقد عرفت بأناقتها منذ القدم، واهتمت بزيها واعتنت بتفاصيله، حتى أصبح عنصرًا من عناصر تراث مكة الذي يعكس، التطور الحضاري الذي شهده المجتمع المكاوي، ويتكون زي المرأة المكية من ثلاث قطع رئيسية والتي عرفت بها. وهي، الصديرية والسروال الطويل والكرتة.


فالصديرية، هو ثوب يغطي منطقة الصدر، يتكون من قطعة نصفية يصل طولها إلى الوسط بأكمام أو بدون، مفتوحة من الأمام وتقفل بأزرار، ولا تصنف من الملابس التاريخية القديمة جداً، ولكنها ظهرت في الثلاثين عاما الماضية.


السروال الطويل، كانت ترتديه نادراً، ويصنع من قماش اسمه "خط البلدة" مقلم بالأبيض والأزرق أو الأبيض والأخضر، ويسمى "مشالي". 


الكرتة، وهو أكثرها ارتداء وأقدمها، فالكرتة عبارة عن فستان مقصوص من الوسط، وباللهجة المكاوية،"مكروته من الوسط"، لوجود عدة كسرات كبيرة على خط الوسط، ومن هنا جاءت تسميتها بالـ"كرته"، وبه أكمام طويلة تصنع من أي قماش متوفر لدى السيدة، لبسته المرأة المكاوية وتفننت في صناعته.


أكلات مكية

الملوخية وقهوة اللوز

تستقبل الأسر المكية العام الهجري الجديد بطريقتها الخاصة، حيث يبدأونه بتحضير قهوة اللوز، أو ما تسمى بالقهوة البيضاء، فيما تتسيد "الملوخية" مائدة اليوم الأول، ويرمز ذلك للنقاء والصفاء والقوة والارتقاء وسعة الرزق.

وتحضر قهوة اللوز عادة بالدقيق واللوز والهيل والحليب والسكر، أما طبق الملوخية فيتسيد مائدة الغداء بجانب طبق الأرز الأبيض.


المعدوس

ما أن يهطل المطر على مكة المكرمة وأحيائها القديمة، ويحل فصل  الشتاء، حتى تنبعث من منازلها رائحة طبق "المعدوس"، لتمتزج بعبق المطر وزخاته. وهي طبخة تشتهر بها "مكة" في أيام هطول الامطار وبرودة الجو، وتتكون من الأرز و العدس، مع "التمر الهندي".


السوبيا

السوبيا من المشروبات المكية القديمة والتي عادة ما تتسيد مائدة رمضان، وباتت مؤخراً تحضر على مدار العام، إذ تعد مشروباً ذا نكهة ولذة خاصة، وتضم مكة المكرمة أشهر محلات السوبيا والتي توزع منتجاتها على المدن الأخرى.


التعتيمة المكية

تتكون التعتيمة المكية من الجبن البلدي والزيتون والمخللات، والمربى، والحلاوة الطحينية وغيرها من الأطباق الشعبية، وتتسيد مائدة فطور عيد الفطر المبارك، حيث تعد من العادات القديمة لأهالي مكة والتي لازالت إلى اليوم.


كباب ميرو

كباب الميرو هو طبق مكي تقليدي، يتكون من لحم مفروم مخلوط بدقيق الدخن وبعض التوابل. يُعد هذا الطبق من الأطباق الشهيرة في مكة المكرمة، ويقدم عادة مع الأرز أو الخبز.


المعمول

المعمول المكي هو إحد الحلويات التي تشتهر بها مكة المكرمة، وخصوصًا في عيدي الفطر والأضحى، وغالباً ما يتم حشوه بالتمر والفستق وتختلف حشوته من بيت لآخر، ويتم وضع السكر المطحون في الطبقة الخارجية بشكل اختياري.


الدبيازة

 يُعد طبق الدبيازة أحد أشهر المأكولات في مكة المكرمة، ويرتبط بمائدة عيد الفطر المبارك، حيث يحظى بشعبية خاصة بين أهالي مكة، ما يجعل صنعها السهل والسريع مستمراً إلى اليوم في الكثير من المنازل.


المبشور المكي

يتميز المبشور المكّي (كرات اللحم)، بنكهته الغنية بالتوابل المميزة التي تُستخدم في تحضيره، مما يجعله واحدًا من الأطباق الشهية في المطبخ المكي، تُحضَّر كراته من لحم الضأن أو البقر بالإضافة إلى اللحم الجملي، وتُضاف إليها مكونات مثل البصل، والثوم، وغالبًا ما تُقدَّم مع الأرز أو الخبز، وتُعتبر خيارًا مثاليًا للمناسبات والعزائم، حيث تجمع بين الطعم اللذيذ والقيمة الغذائية العالية


الرقم الموحد

800 10000 41